كيف يقع لاعب الكرة فريسة للاحتراق النفسي؟
صيحات مليئة بآهات التأفف ويصاحبها بعض السباب، تخرج مع كل هجمة ضائعة كادت أن تغير مسار المباريات، فذلك المشهد الذي طالما تكرر يُحطم آمال وطموحات الجماهير على عتبة كل لاعب تقوم الأندية بضمه ولم يُقدم المرجو منه رغم تألقه سابقًا، وهكذا حكايا كثيرة مرت علينا وتخوفات أكبر من حجم الملايين المدفوعة في لاعب بعينه دون جدوى.
فتجلس أنت ولا تُبالي سوى بنتيجة فريقك .. وعلي الناحية الآخرى يحترق الحلم الذي يقف وسط فناء واسع مرتديًا للقميص والفانلة ومُحاط يمينًا ويسارًا بجموع غفيرة لاترحم ولاتشفق، وإذا التف حوله سيجد منافسين يعيقون تحركاته ويحرمونه الأريحية المطلوبة لتحقيق الهدف.. فماذا أنا بفاعل الآن وماذا سيقولون عني.. وما الذي يجهزونه لي إذا فشلت في الأمر...؟ فهذا لسان حال لاعب كرة قدم تحت ميكروسكوب الأضواء والضغوطات ومُطالب بالنجاح دون بديل ليُرافقه مايُعرف في علم النفس بإسم "متلازمة الاحتراق النفسي"...
هل سألت نفسك يومًا عن سبب فشل اللاعبين أصحاب "الضجة" بموسم الانتقالات؟
ضجة كبيرة تُثار حول بعض اللاعبين في ميركاتو الأندية، تصحبها ثورة جماهيرية حتى يظفر أحدهم بتلك الغنيمة، ومن هنا ينفجر بركان الضغوطات النفسية على اللاعب فهو مطالب بالتأقلم سريعًا بل وخطف البطولات وفي حال مخالفتة للتوقعات لن يتمكن من سد فوهة الانتقادات التي ستلتهمه، ناهيك عن عامل الإصابات الذي يتناسب طرديًا مع تأثره نفسيًا، تمامًا كما قال المحلل النفسي فرودنبرجر، "يقعون ضحايا للحرائق مثل المباني فتُستهلك مواردهم الداخلية تحت وطأة التوترات الناتجة في إطار العمل، فينهاروا حتى وإن بدا الغلاف الخارجي سليمَا بعض الوقت".
أحمد الشيخ من فشل الدكة لـ"بريق الهداف"
جماهير الأهلي، في حيرة كبيرة فلم يتوقع أحدهم تألق أحمد الشيخ مع مصر المقاصة، ليصل لقمة هدافي الدوري بعد عام من التهميش وذل الدكة وقصائد الفشل، فحتى إن اكتشفت الإحصائيات الفنية عدم صلاحيته للتواجد داخل القلعة الحمراء، فأزمته النفسية قضت على بصيص الأمل الذي كان سيدفعه ناحية التألق فوقع رهنًا لاحتراقه الداخلي الناتج عن الضغوطات الجماهيرية والإعلامية والتي بمجرد تحرره منها بعض الشئ استجمع قواه ولملم حماسه وعزيمته ووقف على قدميه من جديد.
نجوم آرسنال إلي جحيم برشلونة !
عندما يطرق مسامعك .. آرسنال وبرشلونة، ستجد نفسك تلقائيًا رافضًا للمقارنة لاختلاف حجم البطولات والإنجازات، تلك الأمور التي تخلق مطالب جماهيرية وإعلامية، تؤثر بدورها على لاعبي الفريقين وهو ماطبقته الصدف التاريخية بدقة بإثبات فشل معظم لاعبى الجانرز في الاختبار النفسي بعد انتقالهم للبرسا وتوسيع كدر الضغوطات.
ولك في سيسك فابريجاس، مثال أعظم، فهو واحد ممن حملو شارة القيادة بآرسنال، ولكن مع عودته لبرشلونة، لم يتمكن من حجز المكان الأساسي باستمرار، رغم أنه عاد من حيث بدأ نظرًا لكونه واحد من أبناء اللا ماسيا، ولكن تلك العودة جاءت ممزوجة بعوامل مختلفة.. ويبقي التساؤل خير برهان.. كيف للاعب مكنته شخصيته أن يكون واحد من القادة التاريخيين للمدفعجية، بأن يفشل في حجز مقعد أساسي مع أبناء الكامب نو؟.
وهكذا عندما تفر في سجلات اللاعبين الرحالة بين الفريقين، ستجد أيضًا سانشيز، الذي تاه في وجود ميسي الأعظم، ومع انتقاله لآرسنال، اختلف الأمر تمامًا وتحرر بين يدي فينجر، فمع البلوجرانا، وجد من يُزاحمه في ملعبه وأفكاره أما مع الجانرز تبدلت الأمور، فوجد الحرية التي حُرم منها وسط التنظيم الكتالوني الخانق، فضلًا عن خروجه من عباءة البطولات التي تُحجم وتضغط لاعبي البرسا.
وأخيرًا.. اطفئوا حرائقهم تلك التي باتت تكوي وتدمر كيونية القلب وكل مايحيط به.. وليلعم المشجع أن من وصل للقمة من الصعب أن يُفرط بها سوى بحالات استهتار خاصة من نوعها .. ففي نهاية صراع البقاء للأقوى إما أن تنتصر عزيمة اللاعب ويُدمر كل ماكبل يديه ويُحررها من الضغوطات، ليسدل الستارعلي مشهد احتراقه النفسي ويطفأ النيران التي اشتعل بداخلها، أو سيحول سفينته ناحية مرسى آخر لعله يشبع حاجته الكروية وينتصر على من أضعفوه وهم أيضًا من سيصفقون ويهللون لتألقه فيما بعد.