ولكن ما زاد الطين بلة أنها المرة الأولى يغيب فيها ممثلو القارة السمراء عن الدور الثاني منذ 1982.
كانت صدمة الفشل قبل 36 عاماً أقل وطأة من المونديال الحالي. في إسبانيا 1982، كانت أفريقيا ممثلة بمنتخبين فقط وتشق طريقها بحذر نحو كرة القدم العالمية. في روسيا 2018، كانت حاضرة مع خمس منتخبات ونجوم في الملاعب الأوروبية من أمثال المصري محمد صلاح والسنغالي ساديو مانيه غير أنّ الفشل الأفريقي كان كارثياً في روسيا مقارنة بما جرى في إسبانيا.
وعقب هذه الخيبة، بدأت الدعوات لإجراء إعادة نظر شاملة بعد الخروج الأفريقي المبكر.
واعتبر الهداف والقائد السابق لمنتخب كوت ديفوار ديدييه دروغبا الذي شارك في ثلاث نسخ لكأس العالم دون ان ينجح في تخطي الدور الاول، ان المنتخبات الافريقية تراجعت "خطوة كبيرة الى الخلف" في روسيا.
وقال لهيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" حيث يعمل كمحلل "أفريقيا ستنجح يوماً ما (...) لكننا نحتاج الى التفكير مجددا في كيفية التعامل مع هذه المنافسات الكبيرة"، داعيا الى هيكلة وتخطيط أفضل لمساعدة المنتخبات الأفريقية في البطولات وحثها على محاكاة المنتخبات الأوروبية.
في 1982، خرجت الكاميرون دون ان تهزم، بعدما تعادلت ثلاث مرات آخرها مع ايطاليا التي توجت باللقب، علما بان فارق الاهداف هو الذي خذلها بعدما تساوت مع رفاق دينو زوف وباولو روسي نقاطا (ايطاليا سجلت هدفين والكاميرون هدفاً واحداً). الجزائر أقصيت بسبب التواطؤ بين ألمانيا الغربية والنمسا اصطلح على تسميته "وصمة عار خيخون".
في روسيا، خرجت ثلاث منتخبات افريقية - مصر والمغرب وتونس - من الجولة الثانية، وخسرت نيجيريا في الوقت القاتل من مباراتها الثالثة الاخيرة ضد الارجنتين بعدما كانت بحاجة الى التعادل لتخطي الدور الاول.
دون بصمة
بعبارة أكثر قسوة، خرجت مصر من دون ان تترك أي بصمة بعد ثلاث هزائم في المجموعة الأولى، وتونس كذلك على رغم فوزها على بنما في الجولة الثالثة الأخيرة للمجموعة السابعة. المغرب قدم عروضا جيدة دون ان يتمكن من التسجيل، بينما فشلت نيجيريا والسنغال في مباراتين مهمتين.
في 15 مباراة، تمكنت الفرق الأفريقية من تحقيق ثلاثة انتصارات فقط، احدها كان في مباراة تونس ضد بنما.
كان مدرب المنتخب السنغالي أليو سيسيه متفائلا بعد الهزيمة صفر-1 أمام كولومبيا، ومنح بعض الأمل بقوله أن فريقه قد يكون له "مستقبل مشرق".
لكن من الواضح أن المنتخبات الافريقية لا تزال تبحث عن ترك بصمتها في البطولة التي لم تتوج بلقبها مطلقا. ثلاثة منتخبات افريقية فقط وصلت إلى ربع نهائي كأس العالم - الكاميرون بقيادة روجيه ميلا في عام 1990، السنغال في عام 2002 وغانا في 2010 عندما حرمتها يد الاوروغوياني لويس سواريز وركلات الجزاء الترجيحية من بلوغ الدور نصف النهائي.
الفشل مفاجئ لأنه يأتي في وقت يزداد فيه التمثيل الإفريقي في نهائيات كأس العالم، وينتظر فيه المشجعون بصبر منتخبا واحدا من القارة ليترك بصمته في أبعد مرحلة في العرس العالمي.
كانت التطلعات والآمال كبيرة قبل بدء النسخة الحالية في روسيا. كثر الحديث عن نجم ليفربول الانكليزي صلاح، بيد ان اصابته في الكتف في المباراة النهائية لمسابقة دوري ابطال اوروبا امام ريال مدريد الاسباني، أثرت عليه وأبعدته عن المباراة الأولى، ما انعكس بالتالي على مستوى الفراعنة.
تبقى بارقة الأمل الوحيدة في المشاركة الأفريقية في المونديال هو أنّ عدد منتخبات القارة سيرتفع من 5 إلى 9 في نسخة 2026 التي ستقام بمشاركة 48 منتخباً بدلاً من 32 حالياً.