التيكي تاكا - هدية كرويف التي غيرت مجريات كرة القدم
الكرة الشاملة هي أسلوب لعب يعتمد في الأساس على الركض بذكاء والاستحواذ على الكرة وأن أي لاعب في الفريق باستثناء حارس المرمى بإمكانه تغطية أي مركز آخر في الفريق، طريقة اخترعها المدرب الهولندي رينوس ميخلز مدرب المنتخب الهولندي ونادي أياكس أمستردام في تلك الفترة، ويقول قانون الكرة الشاملة أنه إذا تحرك أي لاعب من مركزه يتم تغطية مركزه السابق من قبل لاعب آخر من نفس الفريق، طريقة تعتمد على أن جميع اللاعبين عليهم التأقلم في جميع المراكز في الملعب فمن الممكن أن يتحول الجناح إلى ظهير أو مهاجم أو حتى مدافع، وبالنظر إلى تلك الطريقة فنستنتج أنها تتطلب بنية جسدية قوية وسرعة فائقة وتقنية عالية لتنفيذ هذا الأسلوب.
إضافة كرويف للكرة
الشاملة
الظاهرة الهولندية يوهان كرويف تلميذ رينوس
ميخلز الذي ظهر على الساحة وقرر تعديل أسلوب الكرة الشاملة حيث ابتكر أسلوب التيكي
تاكامع نادي برشلونة وهي طريقة تعتمد على الاستحواذ والحفاظ على الكرة لأطول مدة
ممكنة وذلك بالتمريرات القصيرة والتناقل المستمر للكرة بين اللاعبين، ففي الوقت
الذي كان جميع المدربين يلعبون بطريقة 4-4-2 و3-5-2 قرر كرويف التحول إلى 3-4-3 بـ3
مدافعين و4 لاعبين في خط الوسط وجناحين ومهاجم وقال كرويف: "يجب على اللاعب
أن يتحرك، ولكن ليس أن يتحرك كثيرًا وحسب ولكن أن يتحرك بذكاء، كرويف حسن أسلوب
الكرة الشاملة واعتمد على نقل الكرة بسهولة بأقل عدد من اللمسات حيث قال أيضًا: "أن تمرر الكرة من اللمسة
الأولى فهذا جيد جدًا، من لمستين فهذا جيد، ثلاث لمسات فهذا سيء"، هذه الطريقة
جعلت بناء الهجمة أسهل وأسرع للفريق، فكلما قل الوقت الذي يحتفظ فيه اللاعب بالكرة
كان ذلك أفضل.
جوارديولا ومسيرة النجاح الباهر
في عام 2008 وبعد نهاية فترة الهولندي فرانك
ريكارد كمدربًا لنادي برشلونة، أتى خوان لابورتا ببيب جوارديولا المدرب الشاب الذي
انتقدت الجماهير الإدارة بسبب صغر سنه، وقالت الجماهير أن برشلونة ليس مصنعًا
للتجارب إلى أن أثبت نفسه ووضع بصمته في عالم التدريب في كرة القدم، جوارديولا
والذي كان تلميذًا للراحل كرويف سار على نفس درب معلمه واضعًا بعض التعديلات
البسيطة فقط، فقد وضع حدًا لمفهوم اللاعب الواحد الذي اعتمد عليه فرانك ريكارد
وزرع الثقة في جميع اللاعبين في أي مكان يجتمعون فيه سواء في الملعب أثناء
المباراة أو في التدريبات أو حتى في غرف تبديل الملابس، وأبعد جوارديولا أهم نجوم
الفريق مثل رونالدينهو وديكو ووضع ثقته في لاعبي مدرسة شباب برشلونة اللاماسيا.
اختلف أسلوب جوارديولا عن بقية المدربين
وبالرغم من اتباعه طريقة 4-4-3 إلا أنه غير من تكتيك الفريق في أرض الملعب وجعل كل
اللاعبين قادرين على أن يشغلوا مراكز زملائهم فخلق ذلك نوعًا من الارتباك لخصومه.
جوارديولا حقق إنجازات تسببت في تسطير اسمه
بين أعظم مدربي كرة القدم في التاريخ حيث حقق مع برشلونة 14 لقبًا (منهم بطولتي
دوري أبطال أوروبا) ،ومن ضمن إنجازاته تحقيقه للسداسية التاريخية مع برشلونة في
عام 2009, وكان أسلوبه طاغيًا على المنتخب الإسباني حيث تسبب لاعبوا البارسا
وأسلوب جوارديولا في فوز إسبانيا بأول مونديال لها في التاريخ عام 2010.
برحيل خوان لابورتا عن رئاسة برشلونة، لم تكن
العلاقة بين جوارديولا والرئيس الجديد للنادي ساندرو روسيل بالجيدة، فقد اختلف
روسيل عن نظيره لابورتا حيث لم يكن لديه نفس الطموح الذي كان عند لابورتا واكتشف
ذلك جوارديولا سريعًا، وفي عام 2012 وضع جوارديولا حدًا لقيادته للبارسا معلنًا
انتهاء أحد أفضل مسيرات التدريب في التاريخ.
في عام 2013 أعلن العملاق البافاري بايرن
ميونخ تعيين جوارديولا مدربًا للفريق، مسيرة جوارديولا مع البايرن كانت مليئة بالإنجازات
المحلية حيث حقق 7 بطولات ولكن على الصعيد الأوروبي واجه فشلًا زريعًا ولم يستطع
جلب دوري الأبطال لكبير ألمانيا، وبعد ثلاث سنوات قرر جوارديولا الرحيل عن صفوف
البافاري لرغتبه في خوض تحدٍ جديد في الدوري الإنجليزي، ففي عام 2016 أعلن مانشيسر
سيتي تعيين الفليسوف مدربًا للفريق، العديد من الأسباب جذبت جوارديولا إلى فريق
مدينة مانشستر من ضمنهم الميزانية الكبيرة وتحقيق إدارة النادي لجميع مطالبه، ووجود العديد من المواهب
في قطاعات الناشئين بالنادي عوضًا عن ارتكاز الفريق على أكثر من عنصر مميز مثل
كيفين دي بروين وسيرجيو أجويرو، وفي أول مواسمه خرج
جوارديولا بدون أي بطولة وفي ثاني موسم له فاز بالدوري الإنجليزي وكأس الرابطة
الإنجليزية فقط ليكمل مسيرة الفشل الأوروبي بعد رحيله عن البارسا.
برشلونة بعد عهد جوارديولا واستمرار التيكي
تاكا بين النجاح والفشل
بعد أن رحل جوارديولا عن برشلونة أصبح الفريق
في حالة عدم استقرار وتخبط، وتوالى العديد
من المدربين على الفريق ولكن استمرت طريقة التيكي تاكا، تولى الراحل الإسباني تيتو
فيلانوفا مهمة تدريب الفريق في مشهد لتكرار تجربة جوارديولا مع البارسا نظرًا لأنه
مدرب صغير في السن وتتماشى عقليته مع عقلية النادي،ولكنه لم يقد الفريق إلا لموسم
واحد فقط نظرًا لظروف إصابته بالسرطان، وحقق فيلانوفا مع الفريق بطولة الدوري الإسباني
في ذلك الموسم، وفي الموسم التالي تولى الأرجنتيني تاتا مارتينو مهمة تدريب الفريق
وقد بدأ الموسم بداية مبشرة بالفوز على أتليتيكو مدريد وتحقيق بطولة السوبر
الإسباني، ولكن كان هذا أحد أسوأ مواسم برشلونة في التاريخ حيث لم يحقق إلا تلك
البطولة.
في عام 2014 وبعد رحيل ساندرو روسيل عن رئاسة
النادي ومجيء الرئيس الجديد جوسيب ماريا بارتوميو تولى لويس إنريكي مهمة تدريب
الفريق خلفًا لتاتا مارتينو، وقدم أحد أفضل المواسم في تاريخ البارسا وفاز بخمسة
بطولات في أول مواسمه من ضمنهم بطولة دوري أبطال أوروبا،وفشل إنريكي في
تحقيق البطولة الأوروبية في الموسمين التاليين، وقد فاز بإجمالي تسعة بطولات في ثلاثة
مواسم، ليرحل إنريكي بعد أن انخفض معدل أداء الفريق والتعثرات الأوروبية.
إلى أن أتى في الموسم المنصرم الإسباني
إرنيستو فالفيردي ليتولى قيادة الفريق خلفًا لإنريكي، وقدم الفريق تحت قيادة
فالفيردي أداءًا قويًا رشحه ليكون الفائز ببطولة دوري أبطال أوروبا ولكن حدثت
المفاجأة وأقصى روما الإيطالي فريق برشلونة من البطولة بعد العودة التاريخية من
الهزيمة بنتيجة 4-1 إلى الفوز في إيطاليا بثلاثية نظيفة.
التيكي تاكا وتأثيرها على المنتخب الإسباني
تألُق لاعبي برشلونة تحت طريقة التيكي تاكا
أدى إلى شبه تطبيقها في المنتخب الإسباني، فقد تأثر منتخب اللاروخا بتلك الطريقة
في وجود لاعبي برشلونة تشافي هيرنانديز، أندريس إنييستا وسيرجيو بوسكيتس الذين
تركوا بصمة في أسلوب اللعب، وفي تلك الحقبة حقق المنتخب الإسباني تحت قيادة
فيسينتي ديل بوسكي كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه وكأس الأمم الأوروبية مرتين،
ولكن عند دخول نادي برشلونة ولاعبيه في فترة عدم الاستقرار تأثر المنتخب الإسباني
كثيرًا، وظهر ذلك حيث ودع كأس العالم 2014 من دور المجموعات بهزيمة تاريخية أمام
المنتخب الهولندي، وودع كأس الأمم الأوروبية 2016 من دور ال16 أمام المنتخب الإيطالي،
وأخيرًا ودع كأس العالم 2018 من دور الـ16 أمام المنتخب الروسي بعد تقديم أداء
يعتمد على التمرير السلبي ويفتقر للفعالية الهجومية.