فايلر.. تعرض لـ"التهديد بالقتل" وأَحب الصحافة وكره قراءة الصحف
تطلع في وجوه 100 صحفي يواجهوه بأسئلتهم المتنوعة والمُحيرة والباحثة عن ما ينوي عليه هذا الرجل من أجل مستقبل أحد أعرق الأندية الإفريقية، وقتها نظر إليهم رينيه فايلر في ثبات ايضًا وأخبرهم أن النادي الأهلى يُنظر إليه كأندية مثل برشلونة ومانشستر يونايتد، لديه حوالي 60 مليون معجب وبالتالي يتطلب مهمة التدريب "طاقة هائلة".
كان ذلك في أغسطس الماضي حين وقع اختيار إدارة القلعة الحمراء على المدرب السويسري "رينيه فايلر" البالغ من العمر 46 عامًا، لكن ما لم تعرفه تلك الإدارة هو شخصية هذا الرجل الذي لم يكترث حين أعلن في أول مؤتمر صحفي له إن التدريب بطاقة هائلة لا يمكن فعله للأبد، فهو يتطلع للحصول على خبرات أكثر خارج الملعب والعيش في كثير من الأحيان كسائح، ربما ذلك سر إجابته بأنه لو لم يكن مدربًا لأصبح صحفيًا، خاصة بعد حصوله على درجة الماجيستير في الاتصالات.
ما قاله "فايلر" يتسق مع آراء الرجل ونشأته، فالسويسري بدأ مسيرته الكروية بنادي "فينترتور" عام 1990، ولم يكن ذلك بالأمر اليسير في ظل والد يعمل ضابط شرطة ولا يحب كرة القدم كثيرًا وحاول منع ابنه، لكن "رينيه" صمم على مشواره وبعد سنين طوال قال عن ابيه "لم يؤذيني" وجعلني أخوض التجربة كلاعب كرة قدم كما أحببت.
"لا يهم أن يُقال عني متغطرس"، جملة لم تكن لتعرف الطريق لـ"فايلر" حتى عام 2001 حين أصيب وقرر الاعتزال من ناديه "فينترتور" وهو في سن الـ 28، يصف تشخيص إصابته بصدمة كبيرة، لكنها جعلتني أدرك أنني لست مضطرًا لتعويض أي شيء بل ولست حريص على حياتي المهنية، أنا طموح بالتأكيد لكن لا يمكن تخيل المدى الذي يمكنني أن أصل إليه.
انتهاء المسيرة الاحترافية كلاعب ومعرفة عدد كبيرة من اللاعبين والمدربين مثل رولف فرينجر الذي يعده صاحب الفضل في تطوره، وأيضا يواكيم لوف وكارلوس بيرنيجر، كانت دافع له لخوض تجربة التدريب.
4 سنوات كانت كفيلة أن يخوض "فايلر" رحلة التدريب التي بدأها في ابريل 2005 حين عُين مديرًا فنيًا مؤقتا لمدة "16 يوم" لفريق سانت غالين السويسري، وقتها لعب فريقه ثلاث مباريات فاز في واحدة وتعادل في أخرى وخسر الثالثة لينتقل إلى مهمة تدريب فريق الشباب بنفس النادي لمدة عام، ثم تولى قيادة "جراسهوبر زيوريخ" تحت 16 عامًا لمدة 9 أشهر فقط انتهت في يونيو 2009، وسرعان ما انتقل لألمانيا لتدريب عدة أندية أهمها تجربته مع نادي "نورنبيرج" في الدرجة الثانية ورغم النتائج الإيجابية لكنه لم يصعد إلى الدرجة الأولى.
أول التجارب الألمانية لم تمر مرور الكرام بالنسبة لـ"فايلر" فالرجل الذي اعتاد السباحة ببحيرة "زيوريخ" في درجة حرارة تبلغ 15 درجة ومن خلال ذلك فقط يمكنه تطهير رأسه، يرى أن النجاح لا يتوقف على المدرب فقط بل لابد من تكامل كل عناصر الفريق، رأى البعض أن تلك تصريحات لإبعاد تُهم التقصير عنه لكنه نفذ ما قاله بعد ذلك.
ليس هناك أسباب للبقاء بعد إجادة اللغة الألمانية، انطلق "فايلر" من ألمانيا إلى بلجيكا وتولى فيها مهمة تدريب نادي "أندرلخت" لموسم ونصف، وقتها فقط استطاع تحقيق لقبي الدوري البلجيكي والسوبر البلجيكي، أما على الصعيد الأوروبي فأوصل فريقه لربع نهائي بطولة الدوري الأوروبي الذي غادره أمام مانشستر يونايتد لكن بعد ذلك وفي 2017 تمت إقالته بسبب سوء النتائج.
الإقالة من تدريب فريق لم تكن ذات تأثير قوي على من جرّب أن يهدده أحد المهووسون بكرة القدم بـ"القتل" في عام 2007 بعد هزيمة كروية لفريقه، ونجا فايلر وأسرته من هذه الحادثة بعد أن تدخلت الشرطة لحمايته، ولم يكن على "فايلر" سوى الذهاب لرحلة حول العالم لاسيتعاب ما حدث ليقول بعد تلك الحادثة "تعلمت الكثير فالكلاب التي تنبح لا تعض".
بعد الإقالة من "أندرلخت" عاد فايلر مرة أخرى لسويسرا وتولى هناك تدريب نادي "لوزيرن" ولم يستمر معه طويلًا فتمت إقالته وجاء إلى القاهرة لتدريب النادي الأهلى والعيش في أرض المحروسة بعد أن أجاد أربع لغات هم "الإيطالية والفرنسية والإنجليزية والألمانية" وربما يغادر القاهرة بلغة خامسة لكنه في النهاية وفي تلك الفترة القصيرة استطاع أن يكشف عن حبه للمطبخ المصري عمومًا وخاصة الأسماك التي يمتلأ بها نهر النيل بصرف النظر عن الزحام المروري الذي أكد أنه لا يمكن وصفه.
الطموح الذكي..المتشدد.. كلها ألقاب تم إطلاقها على "فايلر" لكنه بعد تلك التجربة الاحترافية كوّن ما يمكن وصفه بفلسفة الرجل في الحياة، فحين وُصف بأنه ديكتاتور قال أن أناس كثيرون وصفوا "بلاتر" بأنه فاسد وغير أمين ولم يلتق به أي منهم لكن الجميع رسم صورة له، في إشارة أن ما يصفونه هكذا لم يختلطوا به، لكنه يكشف ايضًا أن ثقة النفس مهمة جدًا حتى لو قيل انه "متغطرس" فكيف يجعل اللاعبون مؤمنون به كمدرب أن لم يكن لديه ثقة في نفسه، كما يرى أن الأندية التي لديها قاعدة جماهيرية كبيرة مليئة بالاضطرابات بسبب ارتفاع سقف التوقعات عند الجماهير الذين لا يقبلوا الا الفوز في كل المناسبات.
ثقة الرجل بنفسه ربما تعود لحياته الزوجية الهادئة فهو متزوج من السيدة "الكسندرا" ولديه نجلين يلعبان كرة القدم، ويحب الذهاب إلى "مالطة" من أجل الاستمتاع بدرجة الحرارة هناك، كما أنه لا يحب وسائل التواصل الاجتماعي ويفضل الاتصالات الحقيقية بين البشر، كما يرى أن الدبلوماسية هي أول طريق الكذب.
ويرى صاحب الـ46 عامًا والذي تحب زوجته البعد عن عالم كرة القدم بأكمله، أن تلك اللعبة اعطته الكثير ومنحته التجربة والاكتشاف لكن الأغرب أن من يتمنى أن يُصبح صحفيًا لا يحب قراءة المقالات عن أي نادي يقوم بتدريبه!
فايلر أحبه عشاق الأحمر حول العالم، وذلك بسبب ما أسموه "شخصية الأهلى" التي استطاع السويسري أن يعيدها للنادي الأكثر شعبية في أفريقيا، حتى أصبح يعامل بحميمية كبيرة من الجمهور، حتى إنه وأثناء تواجده لتناول الطعام في احد المطاعم على النيل تحدث معه رجل وأخبره إنه يعمل "طيار" باحدى شركات الطيران ويسافر إلى جينيف بشكل مستمر، وعرض على السويسري خدماته قائلًا: "إذا كنت بحاجة إلى أي شيء من سويسرا يمكنك الاتصال بي في أي وقت"، وبالفعل تبادلوا أرقام الهواتف المحمولة.
ما فعله الطيار مع فايلر لم يكن التعامل الوحيد له مع جمهور الأحمر، ولكن كانت اللقطة الأهم عندما طلبت منه سيدة في الـ 60 من عمرها، إلتقاط صورة تذكارية له مع حفيدها، وسرعان ما لبى السويسري تلك الدعوة، وفي الوداع وجهت له السيدة رسالة قائلة: "كوتش اجعلنا سعداء".
"أجعلنا سعداء" لم تكن رسالة هذه السيدة فقط ولكنها لخصت كل ما يتمناه جمهور الأحمر" من المدرب السويسري، فعشاق القلعة الحمراء يطالبون بالسعادة التي لن تتحقق إلا بتتويج الأهلى بالبطولات فهل سيكون "فايلر" على قدر هذه المسؤولية؟.