علي نبوي يكتب: ماتت الإنسانية.. البقاء لله يا يحيى

يعتصر قلبي حزنًا وألمًا وآسى ويكاد والله يبكي وأنا أكتب هذا المقال بعد الواقعة "الشنيعة" التي شهدتها مباراة سيراميكا كليوباترا والاتحاد السكندري في ختام مواجهات الجولة 24 من مسابقة الدوري الممتاز والتي كان ضحيتها حارس مرمى يشهد له جميع زملائه في الأندية التي دافع عن ألونها بحسن خلقه وسيرته الحسنة والطيبة.

بدايةً بحكم عملي كصحفي رياضي مهتم بالشأن الكروي أتابع الكثير من مباريات الدوري المصري، وكنت أمس على موعد مع متابعة مباراة سيراميكا والاتحاد السكندري، وعند الدقيقة ٧٩ تفاجأت مثل كل المشاهدين بترك أحمد يحيى حارس مرمى الاتحاد للملعب رافضًا استكمالها ومقسمًا "والله ما هلعب كورة تاني" بعدما نال وابلًا من السباب من جانب أقلية من جماهير ناديه وكأنه المتسبب الأول في الهزيمة الثقيلة، رغم أن المتابع للمباراة يؤكد بما لا يدعو للشك بأن "المظلوم" يحيى ليس مسؤولًا عن أي هدف دخل مرماه.

محاولات من جانب الجهاز الفني للاتحاد وأخرى من جهاز ولاعبي سيراميكا بإثناء يحيى عن قراره لكنه تمسك به بعد الإهانات التي سمعها والسباب الذي طاله وكل هذا لمجرد مباراة كرة قدم الفائز فيها سيحصل على نقاط والخاسر سيتعلم منها وسيحاول الفوز في المباريات المقبلة.

أحمد يحيى الذي يشهد له الجميع داخل الاتحاد السكندري بحسن خلقه فضلًا عن قدراته الفنية فهو نفس الشخص الذي ساعد فريقه وقاده لتحقيق الانتصار في آخر مباراتين في الدوري، وقفز به في جدول الترتيب لم يسلم من هتافات وسباب أقلية من جماهير لا علاقة لها بكرة القدم وبكل تأكيد علاقتها بشيء آخر غير الساحرة المستديرة التي المكسب فيها والخسارة شيئان حتميان ولا مفر منهما.

الجماهير التي هاجمت الحارس أحمد يحيى والتي تعلم ظروفه النفسية السيئة التي عاشها قبل المباراة بوفاة شقيقه وتمسكه بالتواجد في مباراة الأمس نظرًا لموقف ناديه ولحاجة الفريق لجهوده لم ترحمه وكأنه هو المدرب واللاعب الذي يشارك في جميع المراكز ولعب بـ11 روح في الملعب والمتسبب الأول في الخسارة.

بكل آسف وصلنا إلى مرحلة صعبة جدًا من التشجيع الكروي، يا سادة يا كرام كرة القدم مكسب وخسارة من حقك تفرح في الأول وتحزن في الثاني لكن دون تجريح أو سب وإهانة لاعبيك لأنك كمشجع لن تقبل أن يسبك لاعب مثلما تفعل أنت تجاهه.

المتابع للدوريات الأوروبية يجد بأن جماهير مانشستر يونايتد لم يسبوا نجوم فريقهم أو يخصوا لاعبًا واحدًا ويحملوه المسؤولية بعدما خسروا بخماسية نظيفة في الموسم الماضي في ملعبهم على يد ليفربول لأنهم يعرفون أن كرة القدم مكسب وخسارة، نفس الحال بالنسبة لليفربول الذي سقط الموسم قبل الماضي أمام أستون فيلا بنتيجة كارثية 2-7 لأنهم يعرفون أن الرياضة مكسب وخسارة.

أقولها صريحة وبكل آسف "ماتت الإنسانية" ولم يعد لها مكان بين قلوب الجماهير التي لا ترحم لمجرد خسارة مباراة أو ضياع نقاط، رغم أن الفَطِن يعلم جيدًا أنها كرة قدم لعبت من أجل الترويح لا التجريح.

رسالتي الأخيرة في مقالي هذا ستكون لأحمد يحيى حارس الاتحاد "البقاء لله في وفاة شقيقك أما كرة القدم فهي منا والله بريئة".