سمير نصري.. أمير مرسيليا الصغير الذي تحول إلى "باد بوي" يستخدم صواعق الكهرباء

"مرونة وركيه تشبه زيدان، لكن الأخير كان لاعبًا مختلفًا، زيدان كان أكثر لاعبًا يخلق الفرص من خلال مهارته، أما نصري فهو أكثر مباشرة على المرمى" أرسين فينجر.

في أحد الأيام، جلس سمير نصري ويتساءل عما إذا كان قد حقق مسيرته بأفضل ما كان يستطيع.

سمير نصري الذي تمتع بموهبة نادرة، وأشادت به الصحافة الفرنسية ضمن مجموعة 1987 الشهيرة التي تضم حاتم بن عرفة وكريم بنزيمة وجيريمي مينيز.

ورغم أن نصري تمتع بمسيرة رائعة مع مارسيليا وأرسنال ومانشستر سيتي، لكنه عانى الأمرين في مسيرته بفعل الإصابات والمنشطات من ناحية أخرى، وتخاذله في بعض الأحيان.

ويستعرض “الفجر الرياضي” قصة سمير نصري في عالم كرة القدم في عيد ميلاده الـ37 كالتالي:

كرة الشوارع

ينتمي سمير نصري لعائلة تنحدر من الجزائر، كان أجداده في الأصل مواطنين جزائريين لكنهم هاجروا إلى فرنسا في منتصف القرن العشرين.

ولد والد نصري ونشأ في مرسيليا، وعمل كسائق حافلة، وولدت والدته ونشأت في مدينة “دو بروفانس”، ولعب سمير نصري في البداية تحت اسم والدته لكنه تحول إلى اسم والده بعد اختياره لفريق فرنسا تحت 16 عامًا.

بدأ حبه لكرة القدم يظهر ولعب مع أصدقائه في شوارع مرسيليا، لاحظ والديه موهبته الرائعة لينضم إلى نادي لا جافوت بيريت في مسقط رأسه، أمضى عامًا واحدًا قبل أن ينتقل إلى بينيس ميرابو في ميرابو القريبة في سن السابعة.

وراقبه كشافة نادي أولمبيك مرسيليا ليختبره النادي مع مجموعة من اللاعبين الشباب الآخرين في معسكر بإيطاليا حيث شاركوا في بطولة للشباب، عند عودته إلى فرنسا، تم قبوله في أكاديمية نادي مرسيليا في سن التاسعة عام 1997.

ونظرًا لتطوره السريع، أصبح جزءًا أساسيًا في فرق الناشئين في النادي، وفاز بالعديد من الجوائز مع فريق الشباب.

وبعد قضاء 7 سنوات في التطوير في أكاديمية الشباب بالنادي، تمت ترقية نصري إلى الفريق الرديف للنادي في بطولة فرنسا للهواة “القسم الرابع”.

 وظهر كبديل في عدد قليل من المباريات خلال الموسم، وحصل الفريق على المركز السادس عشر والهبوط إلى دوري الأدنى.

أمير مرسيليا الصغير

ظهر نصري لأول مرة مع مرسيليا في سبتمبر 2004 عن عمر يناهز 17 عامًا، وأصبح لاعبًا أساسيًا في الفريق كما لعب في كأس الاتحاد الأوروبي 2005-2006.

في موسم 2006-2007، فاز نصري بجائزة أفضل لاعب شاب في الاتحاد الوطني للاعبي كرة القدم المحترفين (UNFP)، وتم اختياره أيضًا ضمن فريق العام.

ولعب سمير نصري 4 مواسم في الدوري الفرنسي مع مرسيليا، إذ شارك في 160 مباراة وسجل 12 هدفًا للنادي.

بعد تألقه مع مرسيليا، كانت التوقعات كبيرة، وأصبح يُعرف باسم "برنس ملعب فيلودروم".

أصيب نصري بالتهاب السحايا في موسمه الأخير في النادي، إنها اللحظة التي كادت أن يفقد حياته، وكشف أنه شعر بالتخلي عن أولئك الذين اعتقد أنهم قريبون منه.

وقال لقناة Canal+ "خلال عامي الأخير في مرسيليا، كنت في المستشفى لمدة 12 يومًا مصابًا بالتهاب السحايا، ورأيت الجانب الحقيقي من الناس".

“لقد رأيت أولئك الذين كانوا بجانبي عندما كان كل شيء يسير على ما يرام، عندما كنت أمير مرسيليا الصغير”.

“كان الناس يدعمونني حينها، ولكن عندما مرضت لمدة 12 يومًا، وكنت على وشك الموت بسبب التهاب السحايا، لم يكن هناك أحد”.

زيزو الجديد

قادمًا من نفس مدينة العظيم زين الدين زيدان ويفتخر أيضًا بتراثه الجزائري، كان سمير نصري يسير في طريقه مثقلًا بلقب "زيزو الجديد".

"مرونة وركيه تشبه زيدان، لكن زيدان كان لاعبًا مختلفًا، زيدان كان أكثر رجلًا يخلق الفرص من خلال مهارته، أما نصري فهو أكثر مباشرة" أرسين فينجر.

ورغم أن نصري تمتع بثقة كبيرة بالنفس لكنها لعبت في نهاية المطاف دورًا في سقوطه فيما بعد، إلا أنه تألق بما يكفي لجذب اهتمام مدرب أرسنال أرسين فينغر، الذي أنفق نحو 12 مليون جنيه إسترليني للتعاقد معه في عام 2008.

وراقب أرسين فينجر نصري منذ مشاهدته وهو يلعب في بطولة أوروبا تحت 17 سنة 2004، واعترف نصري أن فينجر كان أحد الأسباب الرئيسية لانضمامه إلى النادي: "إن حقيقة أن أرسين فينجر يمنح فرصًا رائعة للاعبين الشباب أمر مهم جدًا بالنسبة لي. يتمتع أرسين بسمعة كبيرة، أحد أفضل المدربين في العالم.

حصل نصري على القميص رقم 8 الذي كان يرتديه سابقًا أساطير أرسنال إيان رايت، جورج جراهام، آلان سندرلاند وفريدي ليونجبيرج.

وظهر لأول مرة مع النادي في 30 يوليو 2008 في مباراة ودية أمام شتوتغارت في فوز 3-1. 

وظهر لأول مرة في الدوري الإنجليزي الممتاز في المباراة الأولى للفريق في موسم الدوري يوم 16 أغسطس ضد وست بروميتش ألبيون، في تلك المباراة، سجل نصري هدفه الأول في البريميرليج.

وأصبح اللاعب رقم 83 في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز الذي يسجل في أول ظهور له في الدوري واللاعب رقم 22 في أرسنال.

وفي الموسم التالي، تحديدًا في 21 يوليو 2009، أثناء مشاركته في مباراة تدريبية خلال فترة ما قبل الموسم مع أرسنال، وأصيب نصري بكسر في ساقه، تطلبت الإصابة راحة لمدة شهرين إلى ثلاثة أشهر، ونتيجة لذلك غاب نصري عن افتتاح موسم 2009-2010 في الدوري الإنجليزي.

قبل موسم 2010-2011، اعترف نصري بأنه مصمم على استعادة مستواه الذي أدى إلى توقيع أرسنال معه قبل عامين.

صاعق كهربائي

بدأ الأمر عندما أبدى ويليام جالاس مدافع أرسنال استياءه من نصري بسبب جلوسه على مقعد أسطورة الجانرز تييري هنري في الحافلة خلال فترة الاستراحة الدولية.

وقال نصري لصحيفة ديلي ميل: "كانت لدي مشكلة مع ويليام جالاس. تشاجرت مع تييري هنري بشأن مقعد في حافلة الفريق، لكن بعد ذلك مع تييري كان الأمر رائعًا. كان لدينا سوء فهم."

شعر جالاس بأن نصري لا يحترم هنري، ورفض التحدث معه لمدة عام.

وعندما واجهوا بعضهم البعض في ديربي شمال لندن بعد انتقال جالاس إلى توتنهام، رفض نصري مصافحة مواطنه قبل انطلاق المباراة.

في عام 2016، قدم جالاس ادعاءً مثيرًا بأن كراهيتهم لبعضهم البعض تهدد بأن تصبح أقبح، حيث زُعم أن نصري كان يخطط لخطة لصعقه بالصاعق الكهربائي في عام 2009.

وقال لقناة RMC Sport TV: “ما تحتاج إلى معرفته هو أنني كنت أقيم في فندق مع عائلتي، كنت مع أبناء عمومتي لتناول وجبة، وكانت عشية تجمع للمنتخب الفرنسي، ثم خرجت من الفندق واقترب مني بعض الأشخاص وأرادوا التحدث معي".

“في البداية لم أكن أرغب في ذلك، ثم تعرفت على شخص كان غالبًا مع سمير نصري في ملعب تدريب أرسنال”.

“أراد هذا الشخص أن نتحدث وأراد مني أن أرى سمير الذي كان في سيارة بعيدة، لذا استعدت لمتابعته لكن ابن عمي، وهو شرطي، أخبرني ألا أتبعه”.

"وفي الوقت نفسه، نظرت إلى الداخل ورأيت شخصًا معه حقيبة، وفي الحقيبة كانت هناك مسدسات الصعق الكهربائي، ولم أعرف السبب".

"لكن لحسن الحظ كنت مع الناس في ذلك اليوم، لأنني لا أعرف ما الذي كان يمكن أن يحدث”.

"سرطان مرتزق"

"عندما اكتشفت أنني لست جزءًا من الفريق المشارك في كأس العالم 2010 مع فرنسا، تلقيت صفعة كبيرة على وجهي"، وبعد تلك الكلمات لنصري، قال له أرسين فينجر إنه يجب أن يستخدم عدم الاستدعاء كحافز، وبدأ نصري الموسم بشكل جيد.

وفي نهاية الموسم، تم ترشيح نصري لجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي الممتاز وجائزة أفضل لاعب شاب، لكنه خسر الجائزتين أمام لاعب وسط توتنهام جاريث بيل وزميله جاك ويلشير، على التوالي، لكنه ظهر في فريق الموسم.

وأثنى نصري على مدربه “فينجر” الذي وصفه أيضًا بأنه قدوة وساحر، وإجمالًا، سجل نصري 27 هدفًا في 124 مباراة مع أرسنال.

ولكن بعد موسم 2010-2011 سجل 10 أهداف في الدوري الإنجليزي في 30 مباراة فقط، غادر النادي، ووصفه جاري نيفيل أنه "السرطان" بسبب الطريقة التي رحل بها عن نادي أرسنال إلى ملعب الاتحاد، ووصفته جماهير الجانرز بأنه “مرتزق”.

دوري دراماتيكي

كان نصري لاعًبا رئيسيًا خلال الموسم الأول في مانشستر سيتي وساعد في قيادة فريق روبرتو مانشيني للحصول على لقب الدوري الإنجليزي الأكثر دراماتيكية في تاريخ “سيتي”.

ووفاز بلقب الدوري الممتاز الثاني له في موسم 2013-2014 حيث سجل الهدف الافتتاحي للفريق في المباراة النهائية للموسم ضد وست هام يونايتد.

خلال الفترة التي قضاها في مانشستر، حتى المدير الفني السابق روبرتو مانشيني قال: "أود أن أعطيه لكمة" بعد أداء أفضل لاعب في مباراة بالدوري، في إشارة إلى عدم اتساق لاعبيه.

وإجمالا، لعب نصري مع سيتي 176 مباراة سجل 27 هدفًا وقدم 37 تمريرة حاسمة.

ماء مخلوط بالمنشطات

في 31 أغسطس 2016، انضم نصري إلى نادي إشبيلية الإسباني على سبيل الإعارة لمدة موسم، وفي العام التالي وقع مع أنطاليا سبور.

في 31 يناير 2018، أنهى نصري عقده مع النادي بشكل متبادل، بعد أن شارك في 8 مباريات وسجل هدفين في الدوري الممتاز خلال إقامته التي استمرت خمسة أشهر.

في 22 فبراير 2018، تم إيقاف نصري عن ممارسة كرة القدم لمدة ستة أشهر من قبل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، لخرقه قواعد الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات في ديسمبر 2016 من خلال تلقي 500 ملليلتر من الماء الذي اختلط بأحد المنشطات.

 في 1 أغسطس 2018، تمت زيادة عقوبة نصري لمدة 12 شهرًا إضافية بعد استئناف من مفتش الأخلاق والانضباط في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.

مع انتهاء إيقافه من ممارسة كرة القدم في 31 ديسمبر 2018، بدأ نصري التدريب مع وست هام يونايتد وأجرى فحصًا طبيًا على أمل توقيع عقد قصير الأجل.

 عندما انتهت العقوبة، وقع نصري عقدًا قصير الأمد مع وست هام حتى نهاية موسم 2018-2019.

 في مايو 2019، أعلن وست هام أن نصري سيغادر النادي في نهاية عقده في يونيو 2019.

وفي 5 يوليو 2019، وقع نصري مع نادي أندرلخت البلجيكي في صفقة انتقال مجانية، ورحل في عام 2020.

وفي سبتمبر 2021، كشف نصري لصحيفة Le Journal du Dimanche أنه اعتزل كرة القدم الاحترافية منذ إطلاق سراحه من أندرلخت.

مجموعة 1987

وأخيرًا مع المنتخب الفرنسي، ففي 15 مارس 2007، تم استدعاء نصري إلى منتخب “الديوك” لأول مرة من قبل المدرب ريمون دومينيك لمباراة تصفيات كأس الأمم الأوروبية 2008 ضد ليتوانيا ومباراة ودية ضد النمسا. 

وقال نصري إنه "سعيد للغاية وفخور للغاية" لاستدعائه للمنتخب الوطني، وظهر على مقاعد البدلاء في المباراة ضد ليتوانيا لكنه فشل في الظهور.

ولعب نصري أول مباراة دولية له في 28 مارس ضد النمسا وهو في سن 19 عامًا، وشارك في الهدف الوحيد، حيث قدم الركلة الحرة التي سجل منها كريم بنزيمة، وفي 6 يونيو، سجل أول هدف دولي له في الفوز 1–0 في تصفيات اليورو على جورجيا.

يعد سمير نصري أحد أعضاء المجموعة المعروفة باسم "جيل 1987" التي أنتجت مواهب مثل حاتم بن عرفة وكريم بنزيمة وجيريمي مينيز.

وواصل الرباعي نصري وبن عرفة وبنزيما ومينيز مسيرتهم الفردية الناجحة، لقد مثلوا أيضًا المنتخب الفرنسي في مختلف الفئات، لينجح بنزيما في الفوز بكأس العالم مع فرنسا في عام 2018.

وإجمالا، لعب نصري 41 مباراة نجح في تسجيل 5 أهداف وقدم مثلها مع المنتخب الفرنسي.