مؤمن الجندي يكتب: حين تتلاشى الألوان
في زوايا الحياة، حيث تتشابك الخطوط وتختلط الأصوات، تبرز فكرة المسؤولية كضوء خافت في عتمة التباين.. إنها تلك القوة الخفية التي تدعونا للتوحد، حتى عندما لا تتفق قلوبنا مع الاتجاه أو الفكرة! فالوقوف صفًا واحدًا ليس دائمًا انعكاسًا للتأييد المطلق، بل هو اختيار واعٍ لحماية صورة أكبر، لحمل راية تعلو فوق اختلافاتنا الصغيرة، وفي عالم مليء بالفرقة، يصبح الاتحاد معجزة تُولد حين ندرك أن وجودنا معًا أقوى من أصواتنا منفردة! فهل نختار أن نكون جزءًا من البناء، أم نتخلى عن الدور لأننا فقط لا نتفق مع الطوب؟
لكن ماذا يحدث عندما يقرر البعض ألا يكونوا جزءًا من هذه اللحظة؟ أن يقفوا على الجانب الآخر، متفرجين أو مجاهرين بالعداوة فقط لأن المنافس ليس ناديهم المفضل؟
في بطولة العالم للأندية، حيث يقف الأهلي ممثلًا للوطن بأسره -نعم هذه وجهة نظري سواء أهلي أو زمالك أو غيرهما- فما يقال سوى الأهلي المصري أو الزمالك المصري! نجد أنفسنا أمام مشهد يحمل أكثر من معنى، إنه ليس مجرد فريق يرتدي الأحمر ويدافع عن شعاره، بل هو سفير يحمل راية ينتمي إليها، ليرفعها عاليًا أمام العالم.
تشجيع المنافس هنا لا يعني التخلي عن انتماءاتنا الرياضية، بل هو إدراك لحقيقة أعمق! أن الأندية حين تخرج للمنافسات العالمية، تصبح ممثلة للهوية الوطنية أولًا، إنها مسؤولية يجب أن نتشاركها جميعًا، لأنها ليست فقط عن مباراة أو لقب، بل عن صورة وطن نرسمها أمام الآخرين.
ومع ذلك، هناك من يعلن صراحة أنه لن يشجع الأهلي وهذا حقه، لأن الانتماء المحلي قد أعمى البصيرة الوطنية! هل أصبحت الأندية أعلامًا منفصلة؟ وهل تفوقت الانتماءات الصغيرة على الانتماء الكبير؟ لنكن واضحين.. النقد الرياضي مقبول، والمنافسة بين الأندية محببة، لكنها تبقى داخل حدود الوطن! أما عندما نخرج إلى العالم، فنحن نحتاج إلى أن نقف صفًا واحدًا، نتشارك الفرحة والانتصار.
لا يفرقنا لون أو شعار
من وجهة نظري، تشجيع الأهلي أو أي نادٍ عربي في بطولة عالمية ليس موقفًا رياضيًا فقط! بل هو اختبار للوعي الجمعي، ومدى قدرتنا على تجاوز الخلافات الصغيرة من أجل مصلحة أكبر.. دعونا نتذكر أن الرياضة ليست فقط عن الألقاب، بل عن الروح التي تحملها.. وفي اللحظات الكبرى، تكون الوطنية هي ما يجمعنا، قبل أن يفرقنا أي لون أو شعار!
وفي النهاية، يبقى لكل إنسان حرية اختياره، وحقه في أن يشجع من يشاء أو يلتزم الحياد إن أرادَ لكن الحرية تأتي دائمًا محاطة بسياج من المسؤولية، فاختلاف الميول لا يعني أن تتحول المنافسة إلى معاداة، ولا أن يكون الصوت المرفوع هادمًا بدل أن يكون صامتًا أو مشجعًا للبناء.. المجاهرة بمعاداة ممثل الوطن في ساحة عالمية ليست تعبيرًا عن رأي بقدر ما هي كسر لوحدة الصورة التي نسعى جميعًا للحفاظ عليها.. فالوطن، بجميع ألوانه وشعاراته، يعلو فوق الانقسامات الصغيرة! والرياضة، بكل ما تحمله من شغف، تظل مرآة تعكس قيمنا قبل أن تعكس انتماءاتنا.
لذلك، دعونا نترك مساحة للتسامح والاحترام، ونحتفظ بمشاعرنا داخل حدود المنافسة المحلية، بينما نرتقي بأفعالنا وكلماتنا إلى مستوى اللحظة! لأننا في النهاية، عندما نكون وجهًا للوطن، فإن العالم لا يرى ألوان الأندية، بل يرى لون العلم الذي يجمعنا جميعًا.