سام ألاردايس - فاشل .. ثرثار .. صريح!
ساهمت صراحة سام ألاردايس بحصوله على منصب مدرب المنتخب الإنجليزي لكرة القدم
لكن لمدة 67 يوماً قبل أن تتسبب "ثرثرته" غير المدروسة بخسارة الوظيفة التي
سعى إليها طويلاً.
اضطر الاردايس، المعروف بـ"بيج سام"، إلى التقدم باستقالته مساء الثلاثاء
على خلفية تصويره بشكل متخفي من قبل صحيفة "دايلي تلغراف" وهو ينصح صحافيين
زعموا بأنهم رجال أعمال من شرق آسيا يملكون وكالة وهمية مختصة بعقود اللاعبين، بكيفية
الالتفاف على القوانين التي تمنع أن تكون حقوق عقود اللاعبين مملوكة من طرف ثالث غير
اللاعب والنادي.
كما سخر ألاردايس بصراحته المعهودة من سلفه في المنتخب الإنجليزي روي هودجسون
ومساعد المدرب السابق جاري نيفيل وانتقد في الفيديو هشاشة نجوم المنتخب وبالقرار
"الغبي" للاتحاد الإنكليزي بإعادة بناء ملعب ويمبلي.
في أغسطس الماضي أكد ألاردايس للصحافيين بأنه لن يغيّر شيئاً في شخصيته بالقول
"هذا هو سام ألاردايس وليس أي شخص آخر. لم أكن لأصل إلى هنا (تدريب المنتخب) لو
قمت بالأمور بشكل مغاير"، لكن رفضه التعامل مع الأمور بشيء من الدبلوماسية أدخله
في المشاكل وتسبب بخسارته الوظيفة التي حلم بها طويلاً.
واضطر الاتحاد الإنجليزي إلى التدخل سريعاً بعد الذي نشرته "دايلي تلغراف"
لأن "سلوك الاردايس كما ورد في الصحف ليس جديراً بمدرب منتخب إنكلترا. لقد اعترف
بارتكابه خطأ جسيماً في التقدير وقد اعتذر عن ذلك. وبالتالي ونظراً لجسامة هذه التصرفات،
اتفق الاتحاد الإنكليزي وسام ألاردايس على فسخ عقد الأخير".
وتابع "هذا القرار لم يتخذ بخفة لكن أولوية الاتحاد هي المحافظة على مصلحة
اللعبة والتحلي بأعلى معايير السلوك والنزاهة".
وبعيداً عن موضوعي السلوك والنزاهة، لم تكن الأيام الـ67 التي أمضاها ألاردايس
مع المنتخب دون جدل وإن كان من نوع آخر، إذ أثار استغراب الكثيرين عندما أعلن بأنه
قد يفكر باستدعاء القائد السابق جون تيري إلى المنتخب رغم أن مدافع تشيلسي اعتزل اللعب
الدولي في 2012 تحت وطأة اتهامه بالعنصرية.
هذه ليست المرة الأولى
كما تسبب ألاردايس بجدل في الأوساط الانجليزية عندما تحدث عن إمكانية تجنيس
لاعبين أجانب للدفاع عن ألوان المنتخب الوطني لكنه لم يتمكن من التفكير حتى بتحقيق
هذا الأمر لأن مشواره مع "الأسود الثلاثة" انتهى بعد مباراة واحدة فقط سيودع
بها منتخب بلاده بسجل نظيف لأن الاخير فاز بها على سلوفاكيا خارج قواعده في تصفيات
مونديال روسيا 2018.
وهذه ليست المرة الأولى التي تسبب فيها وسائل الاعلام بإحراج ألاردايس، فقد
اتهم عام 2006 مع ابنه كريغ بالحصول على أموال غير مشروعة من صفقات انتقال لاعبين،
وذلك من خلال برنامج "بانوراما" الخاص بشبكة "بي بي سي".
صحيح أن التحقيق الذي أجرته السلطات الحكومية البريطانية أظهر بأنه لم يرتكب
أي مخالفة لكنه تحدث عن شكوك بخصوص "تضارب المصالح" بينه وبين ابنه، اللاعب
السابق الذي يعمل كوكيل لاعبين.
هدّد ألاردايس الذي كان مدرباً لبولتون واندررز في تلك الفترة، بمقاضاة
"بي بي سي" لكنه لم يذهب في القضية حتى النهاية.
المكيدة فازت هذه المرة
ما هو مؤكد أن خسارة وظيفته بهذا السرعة ليس بالأمر المألوف بالنسبة لهذا المدرب
الذي تخطى الكثير من الصعوبات خلال حياته بينها عسر القراءة، وتجاهله تماماً من قبل
المنتخب الإنكليزي لطلاب المدارس، واضطر إلى التحامل على الجراح المعنوية بعدما رفض
الفريقان المتواضعان دونكاستر روفرز ويورك سيتي منحه وظيفة المدرب.
حصل ألاردايس على فرصته عام 1991 حين كان في السادسة والثلاثين من عمره عندما
قرر ليميريك الايرلندي منحه وظيفة المدرب إلى جانب دوره كلاعب في الفريق.
لم يكن يملك أي خبرة تدريبية عندما قرر ليميريك توظيفه لكنه اختبر مسيرة كروية
طويلة وإن لم تكن على مستوى الأندية الكبرى، بدأها عام 1971 مع بولتون واندررز وأنهاها
عام 1992 مع بريستون نورث اند مرورا بفرق مثل سندلارند وميلوول ووست بروميتش البيون.
لم يكن الموسم التدريبي الأول له عادياً على الاطلاق، إذ نجح في قيادة ليميريك
إلى الصعود لدوري الأضواء الايرلندي ما فتح الطريق أمامه للانتقال بعدها لوظيفته الأولى
كمدرب في إنكلترا عام 1994 حيث أشرف على بلاكبول لكنه انتظر حتى عام 1999 ليصنع اسماً
لنفسه مع فريق بولتون بعدما حول الأخير من فريق متواضع من شمال-غرب البلاد الى مشاكس
من الطراز الرفيع.
وخلافاً للصورة التي يعكسها كمدرب من "المدرسة القديمة"، حقق ألاردايس
نجاحه في بولتون من خلال الاعتماد على تحليل المعطيات، الكشافين والمساندة الطبية،
وهي أمور كانت تفتقر إليها عدة أندية كبرى.
قاد ألاردايس بولتون إلى المركز السادس والمشاركة القارية لكنه ذلك لم يكن كافياً
لكي يستلم منصب المدرب الوطني عام 2006 بعدما تفوق عليه ستيف ماكلارين.
عانى ألاردايس لكسب مودة الجمهور مع فريقيه التاليين نيوكاسل ووست هام لكن الوضع
كان مختلفاً في بلاكبيرن وأخيرا سندرلاند الذي فتح الباب أمامه للوصول إلى المنتخب
بعدما أبقاه في دوري الأضواء على حساب فريقه السابق نيوكاسل.
لكن ألاردايس لم ينعم طويلاً في المنصب الذي سعى إليه لأعوام طويلة وسقط عن
العرش الذي تربع عليه لـ67 يوماً فقط لا غير بسبب "خطأ في التقدير" بحسب
ما اعترف الاربعاء"، مضيفاً من أمام منزله في بولتون "المكيدة فازت هذه المرة"،
في إشارة إلى الفخ الذي نصبه له الصحافيون.