مؤمن الجندي يكتب: بلا وداع
في الحياة، كما في الحكايات القديمة، هناك أشياء تبدأ دون أن تكتمل، وأصوات تنطفئ قبل أن تصل إلى صداها.. لا شيء يسبق الرحيل المفاجئ سوى الصمت، ذلك الصمت الذي يسبق العاصفة، ويتركنا نتساءل: أكان الرحيل قدرًا مكتوبًا، أم خيارًا هاربًا من ضوء الحقيقة؟
حين ينطفئ نورٌ في منتصف الطريق، تبدو الخطوات مرتبكة، والعين تبحث في الظلال عن إجابة! ليس الرحيل مجرد غياب، بل هو فصلٌ ناقص في روايةٍ كنا ننتظر نهايتها. أحيانًا، يُغادر أحدهم تاركًا وراءه أسئلة أكثر من الأجوبة، وأثرًا أعمق مما نظن.
"بلا وداع" هي أكثر النهايات قسوة، تلك التي لا تمنحنا فرصة للتهيؤ أو كلمات لطي الصفحة، إنها تشبه غروبًا مباغتًا يسرق من السماء نورها قبل أن تدرك العين تفاصيل الغياب! حين يحدث الرحيل دون سابق إنذار، يترك خلفه فراغًا يزدحم بالأسئلة: لماذا الآن؟ ولماذا هكذا؟ تبقى الذكريات عالقة في منتصف الطريق، وكأنها تنتظر تفسيرًا لن يأتي.. فالرحيل بلا وداع لا يقطع فقط صلة الحاضر بالماضي، بل يترك الأفق مفتوحًا على احتمالات لا تنتهي.
أما في كرة القدم، فلا شيء يثير الجدل كقرار رحيل مدرب بشكل مفاجئ.. يوم أمس، كان هذا الواقع عنوانًا جديدًا في نادي الزمالك مع إعلان رحيل البرتغالي جوزيه جوميز.
توقع الجميع أن يكون جوميز الرجل المناسب لإستمرار إعادة ترتيب الأوراق داخل الفريق الأبيض، كان مدربًا يحمل فلسفة خاصة ورؤية مختلفة، ولكن فجأة، وكما يحدث كثيرًا في كواليس الرياضة، انتهت العلاقة.
لماذا جاء الرحيل؟
في كرة القدم المصرية، تبدو هذه المشاهد مألوفة، حيث يرحل المدربون بشكل سريع، أحيانًا لأسباب واضحة وأحيانًا بسبب أمور تبقى طي الكتمان، أو عروض مالية مغرية خاصة في دول الخليج.
وبالنظر إلى فترة جوميز قد لا يكون هناك الكثير ليُقال من الناحية الفنية، لكن قرار رحيله يفتح الباب أمام تساؤلات أكبر عن الاستقرار الفني في الزمالك، وعن الطريقة التي تُدار بها الأمور داخل النادي، خاصة أنه رحل لتدريب فريق الفتح السعودي رغم تفاوضه مع الزمالك على تجديد تعاقده.
الجماهير، كالعادة، هي الخاسر الأكبر.. ربما يكون رحيل جوميز مجرد محطة عابرة في تاريخ الزمالك، لكنه يسلط الضوء على أهمية بناء منظومة قادرة على الصمود، بعيدًا عن القرارات السريعة التي تعصف باستقرار أي فريق.
في النهاية، كرة القدم، كما الحياة، تحتاج إلى صبر وخطط واضحة لتُبنى الأحلام وتتحقق.. ويبقى الرحيل المفاجئ لغزًا يحمل معه تساؤلات لا إجابات! قد نبحث عن الأسباب، وقد نحاول فهم الدوافع، لكن الحقيقة الوحيدة التي تظل واضحة هي أن كل نهاية، مهما بدت غامضة، تفتح بابًا جديدًا لقصة لم تُكتب بعد.