أحمد درويش يكتب : بـ "مُؤخرة" حضرة الباشا !
الزمان .. الخميس 29 يناير
المكان .. ملعب الدفاع الجوي
الحدث.. مباراة الأهلي والزمالك
المشهد الأول.. قبل ساعة من المباراة قوات الأمن تمنع دخول الصحفيين وأصحاب الدعوات الخاصة حتى الساعة السادسة أي حتى موعد انطلاق المباراة.
المشهد الثاني.. الأمن يرفض دخول أعضاء مجالس إدارات مثل أحمد مرتضى منصور في الزمالك ويرُهب الصحفيين بعصا قوات الأمن المركزي.
المشهد الثالث.. الساعة 6 وربع، رئيس نادي الزمالك يأتي في سيارته ومعه نجله أحمد مرتضى بعد أن فشل الأخير في الدخول وحده وبعد دقائق تُفتح بوابات الدخول لسياراة رئيس الزمالك فقط.
المشهد الرابع.. الأمن يتعامل بكل تكبر على الصحفيين وبعد مرور نصف ساعة يوافق على دخولهم بعد توسلات ومشاحنات كادت أن تصل للشجار.
من جديد .. المكان.. ملعب الدفاع والزمان 9 فبراير والحدث مقتل 22 من مشجعي الزمالك والفاعل مجهول.
كانت هذة المقدمة ضرورية لكي يعيش القارئ الأحداث منذ بدايتها لكي تعرف كيف تُفكر العقول في مباراة من المفترض أنها بدون جماهير مع فئة جاءت لتأدية عملها، فمنذ الحادث الأليم ويدي تعجز عن كتابة أي خبر أو مقال وكأنها قررت أن تُشارك في الحداد على الضحايا، كانت كل طاقة غضب أو حزن يُقابلها كم كبير من التساؤلات كفيلة بأن تضعني في خانة المشاهد الملكوم العاجز عن التعبير حتى جاءت اللحظة المناسبة بعد 48 ساعة من مشاهدة كل البرامج، بعد الإستماع لأصحاب المصالح والفتاوي، بعد مشاهدة الصادق والكاذب بعد الضحك على أراء السُذج والبكاء على مشاهد الفراق، بعد سؤال كل الأصدقاء سواء زملاء أو أشخاص لا يمتون بصلة لمهنة الصحافة من شهود العيان عن الحادث والأهم بعد مشاهدة فيديو يكشف وضع الجماهير في القفص الحديدى أو قفص الموت.
بعد كل ذلك مازال الفاعل مجهولا، مازال القاتل حراً طليقاً يُساعد في البحث عن جاني أو كبش فداء، مازال الوضع كما هو عليه فالوزراء مازالوا يتمتعون بكراسيهم والمتسببون في الجريمة مازالوا يظهرون ويتكلمون بكل "بجاحة" على طريقة عينيك حمرا يا غولة، والأهم من ذلك أن السؤال الأهم لم يُطرححتى هذة اللحظة.. من هو الباشا أو الخبير أو "الجهبز" صاحب فكرة القفص الحديدى الذي تسبب في الكارثة؟ فقط أُريد أن أعرفه لكي أساله.. هل الفكرة جاءت لك من عقلك مثل البشر أم جاءت من مؤخرتك؟ نعم مؤخرتك، فبتأكيد المؤخرة هي فقط المكان الذي يُفرز الفضلات والقاذورات صاحبة الرائحة الكريهة التي لا يحتاجها الجسم مثلما أفرزت فكرتك القاتلة أيها المجرم الذي لم تفكر للحظة في المصير المظلم.
في النهاية يبقى ان نعترف بأننا كلنا مشاركون وكلنا فاسدون وكلنا كالنعام سنتهربون، علينا أن نعترف بأن المنظومة الفاشلة لا يمكن أن تُفرز إلا مشهداً كهذا ولهذا علينا أن نفعل ..... في المقالة القادمة إن كان في العمر بقية سنضع روشتة علاج بدلاً من البكاء على اللبن أقصد الدم المسكوب.