عين.. ما لا تعرفه عن الأوليمبياد قديما
"عين" زاوية جديدة يقدمها "الفجر الرياضي" يلقي فيها الضوء على شخصية رياضية سواء مشهورة أو مغمورة أو حدث رياضى من منظور مختلف.
ستتجه أنظار العالم الجمعة المقبل إلى البرازيل تحديداً إلى مدينة ريو دي
جانيرو لمتابعة أكبر حدث رياضي في العالم وهو الأولمبياد والذي يقام كل أربع
سنوات.
ويعلم الكثيرون أن الأولمبياد بدأ في زمن الإغريق الذين كانوا يعيشون في
اليونان في مدينة أولمبيا التي اشتق منها اسم الأولمبياد. ولكن متى بدأت الألعاب
الأولمبية القديمة ؟ ولماذا ؟ وما هي مراسمها والألعاب التي كانت تقام فيها ؟ ومن
أبرز من شاركوا فيها ومن الذين فازوا بها ؟.. هذا ما تستعرضه عين الفجر الرياضي:
1 - نظراً لوجود العديد من الأساطير الوثنية في اليونان، كان لابد من ربط
هذه الألعاب بالديانة الوثنية عندهم حيث كانت الألعاب تقام على شرف عدد من الألهة
الأغريق. وتقول إحدى الأساطير بأن طاعونا ضرب اليونان وأشار الرهبان إلى ضرورة
القيام بنشاط يرتبط بألهتهم وبذلك ظهرت الألعاب الأولمبية.
2 - هناك أربع قصص خرافية أخرى للآلهة وأشباه الآلهة التي جاء ذكرها في
الأدب الإغريقي كشفت عن سبب انطلاق دورة الألعاب الأولمبية أولها هو أن الألعاب
الأولمبية بدأت كطقوس واحتفالات دينية تخللتها ألعاب ومنازلات وذلك تخليداً للإله
الأسطوري زيوس الذي سيطر على الكون بعد قهر والده كرونوس أو ساتورن إله الزمان،
والقصة الثانية تقول إن البطل الأسطوري هرقل أمر بإقامة أول دورة أولمبية عام 1253
ق.م، وتقول القصة الثالثة أن بيلوبس حفيد زيوس أقام ألعاباً واحتفالات دينية على
أرض أولمبية المقدسة في دولة مدينة إيليس بعد أن صار حاكمها في عام 884 ق.م، أما
القصة الرابعة فتقول إن أول ظهور كان للألعاب الأولمبية على شكل سباق جري على
الأقدام لبعض الفتيات، وكان السباق من أجل على الحصول على منصب راهبة للآلهة
الوثنية هيرا، وبعدها يقام سباق آخر للفتيات على منصب راهبة الشعائر الدينية في
المعبد.
3 - كانت أول دورة للألعاب الأولمبية القديمة عام 776 ق.م ولم يكن يسمح
بإشراك اللاعبين إلا للذين هم من أحرار الإغريق ولكن في عام 648ق.م أصبح يحق لجميع
سكان اليونان الاشتراك بالألعاب، واقتصرت أول دورة على السباق بطول نحو 200 ياردة
أي ما يعادل 192.27م وكان يشترك في المسابقة النهائية عشرون عداءً يفصل كل واحد
منهم عن الآخر قوائم خشبية غرست في الأرض على طول السباق ويوجد خط للبداية وآخر في
نهاية المسافة، وكانت تُعطى إشارة الانطلاق بوساطة بوق خاص ويستدل من نقوش هذه
الدورة أن الفائز فيها يدعى كوريبوس وهو من سكان منطقة إيليس.
4 - أضيف في عام 724 ق.م ( الأولمبياد الرابع عشر ) سباق آخر وهو ضعف مسافة
السباق التقليدي وأصبح نحو 384.5م، وفي عام 720 ق.م ( الأولمبياد الخامس عشر )
أُضيف سباق للمسافات الطويلة ويعادل 12 مرة ذهاباً وإياباً مسافة الملعب (الاستاد)
ويبلغ نحو 4615م.
في عام 708 ق.م، ظهرت رياضة المصارعة ضمن المسابقة الخماسية التي تحتوي على
الجري لمسافة 192.27م، وقد ضمت الألعاب الملاكمة أيضاً ولكنها استبدلت فيما بعد
برمي الرمح.
في عام 688 ق.م أدخلت الملاكمة لعبةً منفصلة عن المسابقة الخماسية، وكانت تشبه
الملاكمة المعروفة حالياً.
في عام 472 ق.م أصبح عدد أيام الألعاب سبعة بما فيها الإحتفالات الدينية
بعد أن كانت يوماً واحداً، كما أدخلت مسابقات الفنون في عام 396 ق.م. وفي الدورات
اللاحقة أدخلت مسابقة الجري بكامل اللباس العسكري.
5 - في عام 472 ق.م، بدأ الاحتفال بالألعاب الأولمبية القديمة لمدة 7 أيام
بدلاً من يوم واحد وكانت تقام في شهر يوليو، وكان برنامجها كالآتي :-
- اليوم الأول : مخصص بالكامل لآداء الطقوس الدينية أمام تمثال سيد الآلهة
زيوس وكانت النساء ينشدن الألحان الجنائزية في مقاطعة إيليس في مكان يبعد نحو 30
كم عن مكان الاحتفال ويطفن حول قبر آخيل الوهمي، وعند غروب الشمس تُسكب الدماء على
قبر بيلوبس ملك المقاطعة لإحياء ذكرى مولد الألعاب والإحتفالات الدينية. ويؤدي
المتسابقون في هذا اليوم القسم بأنهم من الرجال الأحرار ومن أصل يوناني عريق وأن
أحدهم لم يقترف في حياته أي جريمة ولم يدنّس المقدسات ولا الدين، كما تُتلى على
المتسابقين التعليمات الخاصة بالألعاب وقوانينها تحت طائلة الحرمان منها في
المستقبل في حال عدم التقيد بها.
- اليوم الثاني : تبدأ المسابقات الفعلية ويبدأ سباق الجري لمسافة
(الاستاد) ثم الجري ضعف مسافة (الاستاد) ثم سباق المسافات الطويلة أي مسافة تعادل
24 مرة طول (الاستاد) وتكون جميعها ذهاباً وإياباً ولا تكون بالدوران حول الملعب.
- اليوم الثالث : تكون فيه المسابقة الخماسية ويقسم المتسابقون إلى فئتين
والفائز من كل فئة يقابل الفائز من الفئة الأخرى في المسابقة النهائية وهي
المصارعة.
- اليوم الرابع : تقام فيه مسابقات أخرى في المصارعة والملاكمة والمصارعة
الحرة.
- اليوم الخامس : تقام فيه سباقات للجري ومصارعة للصغار.
- اليوم السادس : يقام فيه سباق العربات لأربعة خيول، ثم سباق العربات التي
تجرها أربعة خيول أيضاً ولكن لمسافة أكبر تبلغ 14كم، ويجري على ساحة (الإيبودروم)
الخاص به وطوله 1538م وعرضه 320م، وبعد ذلك يتم تتويج الفائزين.
- اليوم السابع : يقدم جميع أفراد الشعب الشكر للآلهة.
6 - أول مشاركة للرومان في الألعاب الأولمبية القديمة كانت لقبائل الدوريين
(سكان اسبرطة) والإيليون (سكان جنوب إيطاليا) والأركاديين (سكان وسط شبه جزيرة
بيلوبونيز)، وكان الروماني تيبير الذي أصبح فيما بعد الإمبراطور طيبريوس الأول أول
رجل غير يوناني يتوّج فائز السباق في الألعاب الأولمبية وهو سباق العربات وكان ذلك
في السنة الرابعة قبل الميلاد، كما كان أول فائز غير يوناني أو روماني هو الأرمني
فارازدات والذي فاز بمسابقة الملاكمة عام 385 بعد الميلاد وهو آخر من عُرف من
الفائزين قبل إلغاء الألعاب الأولمبية القديمة.
7 - يعد الإمبراطور الروماني نيرون أبرز من شاركوا في الألعاب الأولمبية
القديمة.
في عام 67م ذكر المؤرخون اشتراكه في الألعاب الأولمبية القديمة، فبعد
استعداد وتدريب داما أشهراً طويلة نزل نيرون إلى حلبة السباق بعربته الملكية التي
تجرها عشرة خيول من أجود خيول الإمبراطورية الرومانية وأسرعها وأعلن أنه إما يفوز
أو يموت. وركب نيرون العربة وأطلق العنان للخيول التي بدت وكأنها تطير من السرعة
وتقدم على جميع منافسيه بمراحل. وفي منتصف السباق وبينما العربة في أقصى سرعتها،
كُسرت ألجمة الخيول وانقلبت العربة وطار نيرون في الهواء وسقط على الأرض وسط دهشة
المشاهدين، إلاّ أن أحداً لم يستطع التفوه بكلمة وهم يشاهدون الإمبراطور يتقلب على
الرمال، ووقف نيرون من دون أن يصاب بأذى وقد امتلأ وجهه وشعره بالتراب، وكان أوصى
قبل السباق أحد المثالين بصنع تمثال له وهو على منصة الشرف وإكليل الغار على رأسه.
8 - كشفت المصادر أن أبرز من توجوا ببطولة الألعاب الأولمبية القديمة هم :
ديكون وهيبوستين وكان من اسبرطة وفازا بها أربع مرات، وميلون الذي كان من مدينة
كروتون بجنوب إيطاليا وفاز بها ست مرات ليصبحوا من أشهر أبطال الألعاب الأولمبية
القديمة والتي توجوا بها وهم صغار وهم في سن الرجولة.
9 - الفائز كان يتم تكريمه بتاج من ورق الزيتون ويتم ذكره في كل مدن
اليونان والمدن التي يحكمونها تمجيدا لنصره وتذكيرا به للأجيال القادمة.
10 - ألغى الإمبراطور الروماني تيودوسيوس الأول الألعاب الأولمبية عام 394
م وثبت تيودوسيوس الثاني إلغائها عام 426 م نظراً لتأثره الكبير بالمسيحية حيث نظر
للألعاب الأولمبية على أنها نوع من أنواع الطقوس الوثنية وأمر بإحراق معبد زيوس
وتمثاله العظيم في أولمبيا، ثم داهمت المنطقة زلازل قوية عامي 522م و552م أكملت ما
بدأه الأباطرة الرومان من خراب وأصبحت معابد مدينة أولمبيا المقدسة وملاعبها
أطلالاً غاب معظمها تحت رمال نهر كلاديوس الذي دهمت مياهه المنطقة بعد تهدم السدود
بفعل الزلال.